الحمد لله الرحيم الودود، نستغفره ونستهديه ونتوب إليه، ونُصلِّي ونُسلِّم على نبينا وقدوتنا محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فإن الله تبارك وتعالى اصطفى رسله وأنبياءه، وبعثهم تترى مبشرين ومنذرين ليبلغوا رسالته إلى الخلق؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [غافر: 78]، وله في ذلك سبحانه حِكَمٌ منها ما علمنا ومنها ما لم نعلم[1].
كان أهل مدين قومًا عربًا يسكنون مدينتهم “مدين” التي هي قريبة من أرض كنعان من أطراف الشام، مما يلي ناحية الحجاز قريبًا من بحيرة قوم لوط، وكانوا بعدهم بمدة قريبة، ومدين قبيلة عُرفت بهم، وهم من بني مدين بن مديان بن إبراهيم الخليل، وفي نسبه أقوال كثيرة، وفي صحيح ابن حبان في ذكر الأنبياء والرسل قال: ((أربعة من العرب: هود، وصالح، وشعيب، ونبيك يا أبا ذر))[2].